بين النبي موسى والأقصى.. الباحث عبد الرازق متاني يوضح الارتباط
القدس المحتلة - القسطل: علّق الباحث في آثار وتاريخ القدس د. عبد الرازق متاني على الحفل الصاخب الذي أقيم قبل حوالي شهر في مقام النبي موسى، وما تبعه من هبة شعبية رافضة لما جرى لما للمقام من مكانة تاريخية ودينية.
وأوضح متاني أن المقام يقع على بعد 25 كيلو متر شرقي المسجد الأقصى المبارك والقدس المحتلة، وعلى طول طريق الغور الفلسطيني، الذي هو امتداد للشق السوري الإفريقي، والذي يمتد من الأناضول حتى البحر الأحمر.
وأكد متاني على أن المكانة التاريخية للمقام تتمثل في أنه مسجد ومكان استراتيجي مرتبط بالتاريخ الإسلامي، مشيرا إلى بناء مقام المسجد في فترة الظاهر بيبرس في عام 1268.
ونوّه متاني إلى أن معظم الدراسات الأثرية أو الاستشراقية التي تتحدث عن مقام النبي موسى تحاول تصويره وربطه بالرواية التوراتية الصهيونية الخاصة بفلسطين.
وقال متاني:"لا بد لنا من استقراء هذا التاريخ بصورة جديدة، ووفق الأبحاث الأثرية، فعند الحديث عن المقام في الفترة الإسلامية المبكرة نجد أنه مكان استراتيجي هام جدا، بسبب وقوعه بين عشرات البلدات على امتداد الغور الفلسطيني، وهي منطقة عامرة. كما وتقع طبريا وبيسان والقدس المحتلة على امتداده، لذا ارتبط المقام منذ فجر الإسلام بالمسجد الأقصى المبارك".
وأفاد متاني أن المقام كان محطة للحجيج الذين يأتون من الشام والأناضول ويسيرون في طريق الغور التاريخية ثم يعرجون على المسجد الأقصى، كونه يقع بالقرب من البوابة الغربية للقدس.
ويشير متاني إلى أن المقام يرتبط ارتباطا وثيقا بالفترة الإسلامية المبكرة وتاريخها، وليس مثلما يحاول البعض تصويره بأن المقام مرتبط بالفترة الأيوبية والمملوكية.
جدلية المقام
وحول جدلية المقام قال الباحث متاني، إن الكثير من الروايات والدراسات التي ناقشت قضية مقام النبي موسى تعتمد على الدراسات الاستشراقية.
واعتبر متاني من وجهة نظره الشخصية أن المستشرقين يحاولون الفصل بين المقام والمسجد، مشيراً إلى أنه من خلال هذا المقام يمكن إحصاء العديد من المقامات وتطورها التاريخي.
وتابع متاني:" المقام بلفظه يشير إلى معنى الإقامة، وهذا الاسم كان يستعمل للإشارة إلى المساجد ذات القيمة والبعد التاريخي، إضافة لارتباطها بروايات وقصص الأنبياء".
وأشار متاني إلى أنه من خلال الحديث عن نقش التأسيس للمقام، تظهر آية قوله تعالى:"إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ." فقد أمر بإنشاء هذا المقام على ضريح النبي موسى السلطان الملك الظاهر بيبرس".
وأكد متاني أنه من خلال نقش التأسيس فإن للمقام الذي أسسه الظاهر بيبرس مكانة وقدسية خاصة، ولا نستطيع اختزالها بالمسجد فقط، بل المقام كاملاً يحمل قدسية خاصة.
وقال متاني إنه عرج على هذه النقطة بسبب الجدل الذي حصل إثر ادعاء البعض أن المسجد هو من يحمل قدسية خاصة وليس باقي المقام.
وأشار إلى أن المقام بالأساس تم بنائه في الفترة المملوكية والذي يعتبر بناء عظيم وكبير وله متشابهات في فلسطين، مثل المسجد المقام في قرية الحرم حيث أقيمت مستوطنة هرتسيليا، ومسجد علي البكاء الذي بني أيضا على يد الظاهر بيبرس والمتطابق كليا مع المقام.
ونوّه إلى أنه لا يمكن اختزال القدسية في المسجد، بل لكامل البناء، مضيفاً أنه تعاقب السلاطين وأهل الخير بعد الظاهر بيبرس على إعمار المسجد وتمت توسعته، إذ أصبح في يومنا هذا مسجد النبي موسى "مجمعا إسلاميا" ويحوي ما يزيد عن مئة غرفة، ومصلى، وغرفة الصلاة المسقوفة، إضافة إلى وجود التكية لإطعام المارين، ويحوي أيضا الاسطبلات من أجل العناية بالحيوانات، والعديد من الغرف والمرافق أيضاً.
ولا بد من الإشارة أن هناك العديد من الأوقاف التي أوقفها الظاهر بيبرس على مقام النبي موسى.
المقام وارتباطه بالقدس
تبدأ رمزية المقام بدءا بارتباطه بالمسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى كونه مكاناً للحجيج، ومرتبطا ارتباطا تاريخيا في مجابهة الاحتلال الفرنجي، بدءا من الحملات الصليبية حتى جاء المماليك وطردوا أواخر الصليبين في عام 1290.
إضافة لارتباطه بالنضال الشعبي الرافض للاحتلال، بدءا من ثورة النبي موسى والموسم الشعبي الذي كان يحدث فيه، وكذلك كان له أثر كبير جدا على القدس وما وقع فيها خلال ثورة البراق.
. . .